= تابع لبعض الفتاوى الطبية
حكم تنفيذ إجراءات إنعاش القلب و الرئتين
في بعض الحالات الميؤس منها
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على من نبي بعده ، و على آله وصحبه وبعد :
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة و الأربعين المنعقدة بمدينة الطائف ، ابتداء من تاريخ 2/4/1419هـ. نظراً في الكتاب المؤرخ في 4/9/1416هـ . الوارد من رئيس قسم الطفل في كلية الطب بأبها التابعة لجامعة الملك سعود ، المتضمن ستة أسئلة عن حكم تنفيذ إجراءات إنعاش القلب و الرئتين في بعض الحالات الميؤس منها بما نصه :
أولاً: إذا كان المريض مصاباً بحالة عجز شديد-مثل : الشلل الدماغي – بحيث أنه لا يحك رجلية أو يديه ، ومصاب بتخلف عقلي شديد – و لا يرجى شفاؤه ، فهل يحق لثلاثة من الأطباء اتخاذ القرار بعدم اجراء الإنعاش ، علماً بأنه قد يعيش لسنوات ، ولكن بنفس الوضع السابق ؟
ثانياً: إذا قرر الأطباء عدم الإنعاش في الحالة السابقة و رفض الأهل ذلك فما هو الحكم . و ما هو الإجراء القضائي لو اشتكى الأهل الأطباء لتسببهم في موت الطفل ؟
ثالثاً: هل يجوز منع العلاج – مثل المضادات الحيوية – بالنسبة لطفل يشكو من ضعف شديد في عضلات التنفس ، و لا يرجى برؤه ، و غالباً ما يموت مثله في الأشهر الأولى من عمره ، و استخدام المضادات الحيوية قد يفيد مؤقتاً ، غير أنه لا يؤثر في النتيجة النهائية ؟
رابعاً: هل للأطباء الحق في اتخاذ قرار عدم الإنعاش في الحالة الأولى عند عدم وجود الأهل و المريض قاصر؟)اهـ.
و نظر فيما ورده من معالي وزيرالصحة برقم(9745/3796/26) في 28/7/1417هـ من تقرير اللجنة الطبية المكلفة لبحث موضوع الإنعاش القلبي الرئوي للمرضى الميئوس من حالاتهم المرضية ، بناء على طلب سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء بكتابه رقم ( 3796/26) في 28/7/1417هـ .
و بعد البحث و المداولة قرر المجلس مايلي :
جواب السؤال الأول : إذا قرر ثلاثة أطباء متخصصون فأكثر رفع أجهزة الإنعاش عن المريض الموضحة حالته في السؤال الأول – فإنه يجوز اعتماد ما يقررونه من رفع أجهزة الإنعاش ، و لكن لا يجوز الحكم بموته حتى يعلم ذلك بالعلامات الظاهرة الدالة على موته ، أما موت الدماغ فلا يعتمد عليه في الحكم بموته .
جواب السؤال الثاني : إذا قرر الأطباء المتخصون رفع الأجهزة في الحالة المذكورة في السؤال الأول ، فإنه لا يتلفت إلى معارضة الأهل .
جواب السؤال الثالث : إذا غلب على ظن الطبيب المختص أن الدواء ينفع المريض و لا يضره أو أن ينفعه أكثر من ضرره ، فإنه يشرع له مواصلة علاجه ، و لو كان تأثير العلاج مؤقتاً ، لأن الله سبحانه قد ينفعه بالعلاج نفعاً مستمراً خلاف ما يتوقعة الأطباء .
جواب السؤال الرابع : للأطباء اتخاذ القرار الذي يرونه بالنسبة للطفل الذي لا يوجد له أهل و هو قاصر .
و صلى الله على نبيا محمد ، و آله وصحبه و سلم .
------------------------------------------------------------------
إذا كان المريض لا يرجى برؤه هل يتوقف عن علاج المريض ؟
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضره الأخ المكرم ...... سلمه الله
سلام عليكم و رحمة الله وبركاته ، وبعد:
فأشير إلى استفتائكم المؤرخ في 4/7/1407هـ. الذي نصه مايلي : أفيد سماحتكم أن الله سبحانه و تعالى رزقني ابناً أسميته عبد الله بلغ من العمر أربعة أشهر تقريباً ، و قد اتضح قبل ولادته عن طريق الأشعة فوق الصوتية أنه مصاب بمرض الاستسقاء في رأسه مما اضطر الأطباء إلى إخراجه من بطن أمه عندما كان جنيناً عمره سبعة أشهر و نصف خلال عملية قيصرية .
و قد اتضح أن هذا النوع من الاستسقاء حاد جداً ، و قد تسبب الماء داخل رأسه إلى اتلاف خلايا الدماغ ، و ذكر لي الأطباء في المستشفى التخصصي : أن هذا المرض لا يرجى برؤه و أنهم حسب تجاربهم مع الحالات المماثلة يعتقدون أن هذا الطفل لا يمكن أن يتكلم أو أن يرفع رأسه أو أن يرى أو أن يمشي ، كما أنهم يعتقدون أنه سيكون لديه نقص كبير في الجوانب العقلية ، و قد قام الأطباء في المستشفى التخصصي بإجراء اثنتي عشر عملية جراحية لهذا الطفل في رأسه و بطنه من أجل سحب السائل الموجود داخل الرأس ، رغبة في تخفيف حجم الرأس ، و تخفيف الضغط على الدماغ الناتج من تحجر السائل في الدماغ ، كما أن بعض تلك العمليات المتعددة كانت تهدف فقط إلى معالجة الأمراض الجانبية التي تؤدي بحياته مثل الالتهاب الحاد داخل الرأس و ارتفاع نسبة البروتين ، و قد أكد لي الأطباء أن جهودهم العلاجية ليست موجهة إلى المرض الأساسي و هو الاستسقاء الحدا ، لأنه حسب تعبيرهم لم يكتشف له علاج ، وقد فقد الطفل دماغه الذي بقدرة الله يستطيع بواسطته استخدام الحواس العقلية و الحركية ، و أكد الأطباء أن الهدف من العلاج هو فقط معالجة الأمراض الجانبية مثل : الالتهاب ، و ارتفاع البروتين ، و يعتقدون أن تلك الأمرض تلو أخرى – كما أن الطفل أصيب مرتين بالسكته القلبية : واحدة في غرفة الوضع أثناء الولادة ، و أخرى أثناء إحدى العمليات الجراحية فهرع الأطباء أثناء السكته القلبية إلى تركيب جهاز التنفس الصناعي الذي كان بمشئة الله سبباً في إعادة نبضات القلب .
و سؤالي الموجه لسماحتكم ينحصر في النقاط الآتية :
أولاً : هل يجب علي في حالة طفلي عبد الله أن استمر في علاجه بعد أن اتضح أن مرضه الأساسي هو الاستسقاء لا يرجى برؤه ، و أن الطفل لو قدر له أن يعيش سوف يكون معوقاً من الناحية الجسمية و العقلية ، و سوف يمر بأمراض جانبية مستمرة تستدعي إجراء عمليات متواصلة ، نتيجة وجود جسم غريب في جسده ، و هو الأنبوبة الواصلة بين الرأس و البطن تحت الجلد و تحت الطبقة الشحمية لنقل السائل ، خوفاً من استمرار زيادة حجم الرأس .
ثانياً: في حالة إصابة الطفل بسكتة قلبية ، فهل يجب أن أوجه الأطباء إلى استخدام جهاز التنفس الصناعي ، أو يجوز لي أن أوجه الأطباء بترك أمر الطفل لقضاء الله و قدره ؟
ثالثاً: و حيث إن الطفل لا يمكن إخراجه من المستشفى إلى المنزل ، لأن هناك أجهزة متعددة موصلة في جسمة فهل يجوز توجيه الأطباء بعدم إجراء عمليات جراحية لمعالجة الأمراض الجانبية التي تودي بحياته ، إذا علمنا أن المرض الأساسي (الاستسقاء الحد في رأسه) لم يكتشف له علاج ، و قد تسبب هذا المرض في إتلاف خلايا المخ و مركز الإحساس العقلي و الحركي ، و حيث أن الأطباء بأنفسهم لا يستطيعون إيقاف علاج المريض حتى يعجز عن علاجه ، و حيث أن ولي أمر المريض هو الذي يستطيع أن يأخذ المريض من المستشفى إلى المنزل أو يواجه الأطباء بالاستمرار في العلاج أو التوقف عن العلاج-فإني أرجو من سماحتكم الاستئصال من جهة طبية مناسبة لأخذ رأيها عن فائدة وجدوى مايقدمه المستشفى التخصصي من علاج لإبني عبد الله و على ضوء مايتضح لسماحتكم توجيهي لما ينبغي أن أعمله تجاه علاج ابني .
ج: أفيدكم: بأنه قد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن علاج المرضى مستحب حيث يرجى برؤه ، و لا يجب ، و هذا هو الأرجح من حيث الدليل ، و قد درست اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء ما تضمنه كتابكم ، كما تأملت الأسئلة المذكورة أعلاه ، و اتضح لها مم ذكرتم من كلام الأطباء أن الطفل المذكور لا يرجى برؤه من مرضه الأساسي
و بناء على ذلك فترى اللجنة : أنه لا حاجة إلى الاستمرار في العلاج ، و لا حرج عليكم و لا على الأطباء في تركه .
وفق الله الجميع لما فيه رضاه ، إنه سميع مجيب . و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .